البعثة لا تناسب وقوع العذاب بعدها بسبب استحقاق قبلها.
وعن الثالث: أنه تخصيص، خلاف الأصل.
و- أيضًا - قوله تعالى:{رسلا مبشرين ومنذرين}[النساء: آية ١٦٥]، ولأن وجوبه لا لفائدة ممتنع، لأنه عبث، ويحل معناه، فكذا الفائدة لله تعالى، لتنزهه عنها, وللعبد، لأنها: -
إما جلب نفع: وهو غير واجب عقلًا، فوسيلته أولى، ولأن أداء الواجب لا يقتضي غيره، ولأن توسطه عبث، لإمكان نفعه في جميع المنافع بدونه.
أو دفع ضرر عاجل؛ لأنه ضرر عاجل، فلا يزال به، أو آجل، والله تعالى لا يضره تركه، ولا يسره فعله، فلا يقطع به، بل يحتمل العقاب على فعله: -
لأنه تصرف في ملك الغير بغير إذنه بلا ضرورة.
ومكافأة للمولى على نعمه. وشكر لنعمه، هي بالنسبة إلى خزانة الله تعالى أقل من كسرة بالنسبة إلى خزانة ملك. ولأنه قد لا يليق به تعالى.
واستدلوا بوجه آخر:
وهو أنه لا يجب لفائدة آجلة، لأنه لا طريق إلى معرفتها إلا: بأخبار الشارع، ولا العاجلة، لأنه مشقة، ولا حظ للنفس في.
فإن قلت الثلاث الأوّل ممنوعة، إذ المنافع تختلف في الوجوب، فإن عنى به الزائد على الضروري منعنا الحصر، وأداء الواجب يقتضي الثواب، وهو غيره، وتلك المنفعة قد تكون نفس الشكر، لأن وجوب الشيء قد يكون لنفسه، وإلا: لزم التسلسل، و - حينئذ - يمتنع حصولها بدونه.