ثم الآية تقتضي وجوب تأخير البيان، إذ كلمة (على) للوجوب، ولا قائل به وحمله على الجواز مجاز، وليس هذا أولى، من حمل (ثم) على (الواو) كما في قوله تعالى: {ثم الله شهيد على ما يفعلون}[يونس: آية ٤٦]، {ثم ءاتينا موسى الكتاب}[الأنعام: آية ١٥٤]، {ثم كان من الذين ءامنوا}[البلد: آية ١٧]، وعليكم الترجيح.
قلت:
إنه خلاف الظاهر، لأنه ظاهر في الإظهار، المتضمن لإزالته الإشكال، والإبهام، بدليل التبادر، والاستعمال فيه والتغيير خلاف الأصل، فليس في اللغة عبارة عما ذكرته.
وعن (ب) أن التخصيص خير من المجاز، هذا إن سلم لزومه.
وعن (ج) أنه تقييد، وهو خلاف الظاهر.
وعن (د) أنه احتمال بين (فساده).
وعن (هـ) أنا نقول به - وهذا لأنه أخبر عنه بـ (ثم) فلو امتنع أن يكون شيء من بيانه متراخيا (عنه) لزم الخلف في خبره تعالى، سلمناه، لكن لا نسلم صحة حمل (ثم) على (الواو) إذ شرط التجوز السماع، و (ثم) في الآيات المتلوة لتأخير الحكم، سلمناه لكنه أولى إذ إطلاق الوجوب على الجواز أولى من ذلك، نقله التجوز في الحروف، ولأن جهته التضاد، وإطلاق الكل على الحرف أولى منه.
(ب) قوله تعالى: {الر كتاب أحكمت ءايته ثم فصلت}[هود: آية ١] وهو: تبيين معانيها، فيكون المبين متراخيا عنها، وهو يفيد المطلوب.
ومنع الأول: بجواز تفصيل نفس الآيات، بتبيين مواقفها ومقاطعها، ولا يصار إلى المجاز مع إمكان الحقيقة.
سلمنا امتناعها، لكن يجوز أن يراد تفصيلها في الإنزال، فلم يتعين ما ذكروه من المجاز.