كان لها من جهة المشاقة فذكرها كاف، أو من جهة فيترتب الوعيد عليه، وإن لم توجد المشاقة.
وأورد: بأنه لمفسدة فيه بشرط المشاقة، وما ذكره لا ينفيه.
والأولى فيه وجهان:
(أ) المشاقة من جملة غير سبيل المؤمنين، فلو كانت شرطا في حرمته لزم أن تكون حرمة الشيء مشروطا بوقوعه، (وهو مناقض لمفهوم التحريم، لأن الفعل بعد وقوعه) لم يبق متعلق التكليف.
فإن قلت: هي تحرم بخصوصها - أيضا - فلم يلزم ما ذكرتم.
قلت: حرمتها - لخصوصها - لا تنفي حرمتها لعموم الاتباع، و - حينئذ - يلزم ما تقدم.
(ب) الآية سيقت لتعظيم الرسول، ومجموع الأمة، وهو بتحريم كل منها بانفراده، لأن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بعليته، وجعل تعظيم الرسول هو المقصود - يوجب تخصيص الاتباع.
وعن (ج) بمنع أن العطف يقتضيه، سلمناه، لكن ذاك بعينه لا غير، ثم كونه مدح المؤمنين ينفيه، إذ لا ينفيه في الموافقة للدليل، على أن المتمسك به لا يكون متبعا.
وعن (د) أن نحوه يفيد العموم، للإضافة، ولصحة الاستثناء، ولدفع الإجمال، ولأن ترتيب الحكم على الوصف مشعر بالعلية، والحمل على العموم إنما لا يفيد لو حمل على الكل، لا على كل واحد، والمفهوم من مثله الثاني، ولو حمل على الكفر لزم التكرار، لإرادته من المشاقة، على أن التبادر ممنوع، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب.
وعن (هـ) بمنع أن حقيقة غير مرادة، وهو حقيقة للمشترك بين ما يمشي فيه، وبين ما يختاره الإنسان لنفسه من طريق الدين والمذاهب، لاستعمال القرآن.
سلمناه، لكن عدم الأولوية ممنوع، فإن ما ذكرناه مجازا، والأصل عدم غيره، والمناسبة ظاهرة.