الملاحظة بين الإسنادين، فهو المجاز العقلي، فبالأخير، خرج قول الدهري أنبت الربيع البقل وأسعد الفلك، عن أن يكون مجازا عقليا.
والملاحظة قد تكون بالدوران الوجودي، والعدمي، كما في أنبت البقل، أو الوجودي كقولهم قتله السم. وبأن يكون الأثر صادرا عنه حسًّا كما في: -
{وأخرجت الأرض}[الزلزلة: آية ٢].
و{تؤتي أكلها كل حين}[إبراهيم: آية ٢٥].
وبأن يكون الشيء سبب السبب؛ كقوله:"أعطى الأمير الجبة"، "وكسى الخليفة الكعبة".
وأنكر بعض الشاذين المجاز العقلي:
إما لزعمه: أن صيغ الأفعال موضوعة لصدور مدلولها عن المختار، فإذا أسندت إلى غيره كانت مجازات لغوية.
ربما استدل عليه: بأن علامة المجاز صحة النفي، وهي حاصلة فيه كما في المفرد، إذ يصح أن يقال: ما أخرجت الأرض أثقالها بل أخرجها الله منها، وما أتت النخلة أكلها، ولكن أتى الله منها الأكل.
قال الله تعالى:{وما رميت إذ رميت ولكن اله رمى}[الأنفال: آية ١٧] وهو على رأينا ظاهر وإما لزعمه: أن صيغ الأفعال موضوعة لصدور مدلولها عمن أسندت إليه، مختارا كان أو موجبًا. ومعنى أحدهما ليس منها، وإذا أسند فعل إلى فاعل، مختارا كان أو موجبا-كان مستعملا في مدلوله حقيقة إذ لو كان مجازا في الموجب، لكان له جهة الحقيقة، كما في المفرد ولما لم يكن كذلك علمنا أنه ليس بمجاز وهو باطل.
أما الأول: فلأن صيغة الفعل لو كانت دالة على صدور مدلوله من المختار، لكان: أخرج كأخرج القادر، وهو لازم على المستدل أيضا إذ لا نزاع في دلالته على فاعل ما، والجواب مشترك ولأنها تارة تفيد صدور الفعل، وتارة تفيد اتصافه، وتارة تفيد المعنيين