(أ) أنه إن أعطى فقيها فقيرا قريبا، احتمل أن يكون كل واحد منها علة، أو المجموع، أو مجموع اثنين، وهي متنافية، إذ قولنا: الداعي إلى الإعطاء الفقر فقط، ينافي أن يكون غيره علة أو جزءها، فإن بقيت على حد التساوي امتنع ظن علية شيء منها، وإلا: فالراجح علة.
وزيف: أن التنافي إنما هو لصراحة نفي العلية عن الغير، وهو بدونه ممنوع، يؤكده أن يصح تقسيمه إلى القسمين. والتغيير خلاف الأصل، والتكاذب بين الاحتمالين لو سلم فحيث عرف المقصود، سلمناه، لكنه نزاع في معنى اللفظ، لا أنه لا يجوز ذلك.
والأولى في تجويزه أن يقال: إن الاحتمالات إن تساوت امتنع حصول ظن علية واحد منها، لامتناع الرتجيح من غير مرجح، وظن علية كل واحد منها للتنافي، فإن علية المجموع تقتضي أن يكون كل واحد منها جزء علة، ولعية كل واحد منها يقتضي استقلاله، وإلا: فالترجيح لمنفصل غير المناسبة والاقتران لوجوده في الكل، فهو - إذا - العلة.
(ب) الإجماع على قبول الفرق، شاور عمر في قصة المجهضة عبد الرحمن، فقال له:"إنك مؤدب، ولا أرى عليك شيئا"، وشاور عليا، فقال له:"إن لم يجتهد فقد غشك، وإن اجتهد فقد أخطأ، أرى عليك الغرة".
ووجه الاستدلال: أن عبد الرحمن - رضي الله عنه - شبهه بالحدود، لكونه مستحقا، وعلي - رضي الله عنه - فرق بينه وبينها، ولم ينكر ذلك فكان إجماعا.
وأورد:
لعله فيما اتفق علته واحدة.
(ج) أنا نجد من أنفسنا اختلال ظن علية الوصف عند الشعور بآخر مناسب للحكم، ولو جاز التعليل بكل واحد منهما، لما كان كذلك، كما في المنصوصة.
ولمن جوز في المستنبطة دون المنصوصة: أن المنصوصة قطعية، فأشبهت العقلية، والمستنبطة ظنية، فجاز أن يتعدد كالأمارات، ولوجود سببها في كل واحد منها.
وأجيب:
بمنع حكم الأصل، ثم بمنع لزوم القطع، للتنصيص، ثم الفرق: أن العقلية موجبة.