الكتب، لأن الشروع في المتأخر، وإن أشعر بتسلم متعلق الأول، إذ لو بقي مصرا على الأول، لم يتوجه إليه الذي بعده في المرتبة، فلا يستحق الجواب، لكن تقديرا لاتحقيقا، كما هو الدأب في الإيراد، فإن صرح به كما لو قال: ولئن سلمنا ذلك، لكن لا نسلم كذا، فلا شك فيه، وإلا: نزل عليه للاحتمال والعادة.
وسؤال الاستفسار مقدم على غيره، لأنه إذا لم يعرف مدلول اللفظ، استحال منعه أو معارضته، فالأسئلة كلها ترجع إليهما. ثم فساد الاعتبار، لأنه إفساد الدليل من حيث الجملة، وهو مقدم على ما يفضي إليه تفصيلا، لسهولة الإفضاء إلى الغرض، ولأنه يبطل الدليل بالكلية. ثم النقض وعدم التأثير والعكس - وإن قيل: بأنه يقدح فيه - والكسر مؤخر عن النقض. ثم المعارضة في الأصل: لأن النقض معارض لدليل العلية، وهي معارضة لنفس العلية، فكان متأخرا عنها.
وفيه نظر: لأن النقض، وإن كان كذلك، لكن المعارضة في الأصل - أيضا - كذلك، فإنها تنفي عليه ذلك الوصف، فتكون معارضة للدليل الدال على عليته، فلا فرق من هذا الوجه.
وأيضا - النقض لإبطال العلة، والمعارضة في الأصل لإبطال استقلالها.
وهو - أيضا - ممنوع، إذ ليس في النقض ما يدل على أنه لا يصلح لجزء العلة، فكل منهما دال على عدم عليته، وهو أعم منهما، والدال على العام غير الدال على الخاص، لا مطابقة ولا تضمنا، فلا فرق، ثم إنه يقتضي تقديم المعارضة في الأصل عليه، لأنه أعم، وهو أعرف.
وإذا بطل هذا، فالحق:(إما) أنه لا ترتيب بينهما، لأن كل واحد منهما قادح في عليته استقلالا، أو أن المعارضة في الأصل مقدم عليه، لأن المعارضة في الأصل: إبطال العلية في محله الأصلي، والنقض إبطال لها في غيره، ومعلوم أن الأول أقدم.
ثم المعارضة قد تكون في الأصل، وقد تكون في الفرع، والأول أقدم، والقلب والقول بالموجب فمؤخران عما تقدم، لأنهما بعد تمام الدليل، وما قبله قبله، والقلب مقدم عليه، ولا يخفى مما تقدم ترتيب بقية الأسئلة بعضها على بعض.