لما دل على أن قضاء القاضي لا ينقض، كان ذلك لا بذلك الدليل.
ولا يقال: إنه يقتضي أن لا يكون قبول العامي قول المفتي تقليدا، لان العامي لا يعرف الدليل، ووجه دلالته على المطلوب، فكان تقليدا بخلاف المجتهد، وبمنع جوازه، ثم لما دل القاطع على وجوب العمل بخبر الواحد - كان ذلك قطعيا لا ظنيا.
(ج) لو جاز قبل الاجتهاد لجاز بعده، كالعامي إذا ظن الحكم من المستفتي - جاز له أن يستفتي من الآخر. وهو ضعيف، لخلوه عن الجامع.
ثم الفرق: أن الظن الحاصل من اجتهاده أقوى من اجتهاد غيره، فلا يجوز العمل به معه، بخلاف قول المفتي، فإنه ليس يلزم أن يكون الأول أقوى.
(د) لو جاز لغير الصحابي تقليده - لجاز تقليد بعضهم بعضا، و - حينئذ - يلزم أن لا يكون لمناظرتهم فيما بينهم فائدة. وهو كقبله، إذ الملازمة ممنوعة، لوضوح الفرق، ثم بمنع انتفاء اللازمن ثم بمنع أنه لا فائدة - حينئذ - في المناظرة.
(هـ) الدليل ينفي التقليد، ترك العمل به في العامي للضرورة فيبقى في غيره على الأصل.
(و) لا بد لجوازه من دليل، والأصل عدمه.
للمجوز:
(أ) قوله تعالى: {فسئلوا أهل الذكر}[الأنبياء: آية ٧].
(ب) قوله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة}[التوبة: آية ١٢٢] أوجب الحذر بإنذار من تفقه في الدين من غير فرق، فيجب عموما.
(ج) قوله تعالى: {أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم}[النساء: آية ٥٩]، والعلماء منهم لنفاذ أمرهم على غيرهم من غير عكس.
(د) قوله - عليه السلام - "اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر - رضي الله عنهما - "، وقوله: