للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صدقهم. ثم تغليبه للظن بعد ورود الشرع: ممنوع. ثم إنه معارض:

(أ) بأن التسوية بين الزمانين في الحكم: إن كان لعلة فقياس، وإلا: فتسوية من غير دليل.

(ب) لو كان هو الأصل: لزم خلاف الأصل في حدوث جميع الحوادث، وهو خلاف الأصل.

(ج) بينة الإثبات تقدم إجماعا، وهو ينفي أصالته.

(د) لو كان أصلا لجاز عتق العبيد، الذين انقطع أخبارهم عن الكفارة.

(هـ) لو كان حجة لكان مقدما على كل مدرك ظني، كخبر الواحد لأنه يقيني.

(و) لو كان حجة لما جاز رفعه إلا: لمقطوع به، كالكتاب والسنة المتواترة، لأنه شرعي يقيني.

قلنا: أجيب:

عن (أ) بمنع الطهارة لوجود مظنة الحدث، وتعليق الشرع الأحكام بمظانها، والفرق بين الظنين ظاهر، على أنا نمنع اعتبار ذلك الظن.

وعن (ب) أن إقدامهم على ما فيه مشقة وضرر كما في رجوعهم إلى رؤية الأهل والأصحاب، وإن كانت المسافة شاسعة، وفيها خطر - ينفي ما ذكرتم وادعاء إقدامهم على الفعل مطلقا، بمجرد الاحتمال ظاهر الفساد.

وعن (ج) ما سبق من دليله، وتوقفه على تجدد الأمثال لا يتأتى فيما هو باق لذاته، ثم إنه يتأتى ليس كتبدل الوجود بالعدم، وبالعكس لأنه مطرد في كل زمن، احتماله دونه.

وعن (د) أنا نسلم ذلك، لكن ما نحن فيه ليس كذلك، لأن البقاء لا يتوقف إلا: على وجود الزمن المتسقبل ومقارنته له، وهو حاصل قطعا - عادة - وبه خرج الجواب عن (هـ)، فإن البقاء غالب الوجود.

وعن (و) أن المعنى منه أن الذات الحاصلة في الزمانين مستغن عن المؤثر في نفس ذاته في الثاني (ما لم يكن معها في الزمن الثاني و - حينئذ - نقول: إن حصل معها في الزمن الثاني ما لم يكن معها في الزمن الأول، فهو زائد على الذات لأنها حاصلة في الزمانين، والزائد ما كان حاصلا في الأول، فاحتياجه إلى المؤثر لا يقدح في استغناء الذات الباقية عنه، وإن لم يحصل لم يكن كونه باقيا حاثا.

وعن (ز) أنه ليس البقاء ثبوتا زائدا على الذات، وإلا: فإن كان باقيا لزم التسلسل، وإن كان حادثا كان تأثير المؤثر في الحادث لا في الباقي، ولأن المعدوم باق، فيلزم قيام الثبوتي بالمعدوم.

<<  <  ج: ص:  >  >>