آمن بالله واليوم الآخر وأقام الصلاة وآتى الزكاة، ذلك، الحكم هو أن الله سيؤتيهم أجرا عظيما..
ومناسبة هذا الحكم لما قبله، هو أنه لما ذكر الله سبحانه وتعالى الراسخين فى العلم والمؤمنين وأنهم يؤمنون بما أنزل على محمد، وما أنزل من قبل- ناسب أن يذكر لهؤلاء آمنوا، أن وراء الإيمان عملا، وأن هذا العمل هو الذي يتمم الإيمان، ويعطى الثمرة الطيبة التي له.. وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة هما أبرز عملين من أعمال المؤمنين، وأن الاستقامة عليهما سبب لمرضاة الله، وللأجر العظيم عنده.
وفى عطف قوله تعالى:«وَالْمُؤْتُونَ الزَّكاةَ وَالْمُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ على قوله سبحانه: «وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ» مع الاختلاف فى الصورة الإعرابية بين العطوف والمعطوف عليه- فى هذا ما يدعو إلى التوقف والنظر..
فلم لم يكن المتعاطفون نسقا واحدا، على أية صورة.. بالرفع مثلا، هكذا:
«والمقيمون الصلاة والمؤتون الزكاة والمؤمنون بالله واليوم الآخر؟
وقد كثرت فى هذا آراء المفسرين والنحاة.. ولم نر فيما قاله هؤلاء وهؤلاء وجها نستريح له، ونرضى به، ونطمئن إليه.. إذ كلها محاولات لتسوية هذا التخالف، الذي يبدو وكأنه تناقض وخروج على أساليب العرب، ومألوف كلامهم.. وكأنهم- أي المفسرون والنحاة- يلتمسون المعاذير للقرآن، لهذا الخلل الذي ظهر فيه هنا.!!
وللقرآن الكريم، أن يكون متفقا مع قواعد النحاة أو مخالفا لها، جاريا ما عرف من أساليب العرب أو خارجا عنها.. وعلى النحاة أن يصححوا نحوهم عليه، وعلى الأساليب العربية أن تستقيم على ما طلع عليه بها القرآن من أساليب جديدة، وأن تجعلها من مذخورها الذي تحرص عليه، وتثرى باقتنائه، وتعتزّبه.