فلنتحرر إذن من قواعد النحو، وأساليب العرب، حينما نستقبل جديدا من أساليب القرآن وإعجازه، ولنلقه بقلوبنا، لقاءنا لمعجزة قاهرة متحدية..
ونعم، فإننا بين يدى كل آية من آيات الكتاب الكريم، فى مواجهة معجزة متحدية، لا تكشف لنا عن وجهها إلا بعد توقف ونظر.. ولكنا حين نكون بين يدى آية تطلع علينا بأسلوب غير مألوف من أساليب العربية، وغير جار على مقررات النحاة وقواعد النحو- فإننا نكون حينئذ فى مواجهة آية تكشف لنا عن وجه من وجوه إعجازها، وتدعونا إليها، وتحملنا حملا على النظر فى وجهها.
فهنا فى هذه الآية.. دعوة صريحة، وإشارة مضيئة، إلى كلّ من يلتقى بهذه الآية الكريمة أن يقف عندها، وأن يدبر النظر فيها، وأن يسأل نفسه كل تلك الأسئلة التي سألها المفسرون والنحاة، عند ما التقوا أو يلتقون بكلمة:«وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ» .
لماذا خالفت نسق ما قبلها؟
ولماذا تخالف نسق ما بعدها؟
ولعلنا لا نقف طويلا عند الإجابة عن السؤال الأول.. إذ نجد الجواب حاضرا قريبا، وهو أنه ليس بين هذه الكلمة وما قبلها صلة عطف، وأن «الواو» التي تسبقها ليست واو عطف، وإنما هى للاستئناف.. إذ قد تمّ الكلام قبلها، واستؤنف بها كلام جديد، لتقرير حكم جديد..
ويبقى بعد ذلك الجواب عن السؤال الثاني.. وهو الذي يحتاج إلى طول نظر، وكثير تأمل! وأقلّ ما تخرج من بعد هذا النظر الطويل، وهذا التأمل الكثير هو:
(أولا) : قطع ما بعد الواو فى قوله تعالى: «وَالْمُقِيمِينَ الصَّلاةَ» عما قبلها.. إذ كان لما قبلها شأن، ولما بعدها شأن آخر..