والخير!! أما هؤلاء القوم فإنما يبتغون من وراء تسخيرها التسلط على الناس، ووضع مقدّراتهم تحت أيديهم، حيث يتعلمون منهم أبوابا من الحيل، وأشتاتا من المكايد.
والقوم إنما يلتمسون الباطل من كل وجه، ويصيدون الضلال من كل أفق، فهناك غير ما ألقت به الشياطين على ملك سليمان، وما تركته من آثار أفعالها- هناك كان لملكيين أو ملكيين- بكسر اللام- اسمهما هاروت وماروت، حديث إلى الناس فى بابل، وفى هذا الحديث ضروب من السحر والحيل، كانا يكشفان أمرها للناس، على سبيل الابتلاء والاختبار، حيث يقولان لكل من يستمع إليهما:«إِنَّما نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ» ! ولله سبحانه وتعالى أن يبتلى عباده بما يشاء من الشر والخير، كما يقول سبحانه. «وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً» : (٣٥: الأنبياء) ، ولقد ابتلى الله سليمان عليه السلام بتلك القوى القاهرة التي وضعها بين يديه، لينظر كيف يكون أمره معها، وفى هذا يقول الله سبحانه على لسان سليمان:«هذا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ»(٤٠: النمل) فهذا الذي كان من فعل الملكين- بفتح اللام أو بكسرها- إنما هو من قبيل الابتلاء. وقد عمد القوم إلى تلك الآثار التي خلّفها الملكين من ضروب السحر والحيل فجعلوها أسلحة فتك ودمار، وأدوات تهديد وتبديد للناس، لم يتعلموا منها إلّا ما هو بلاء ونقمة، كما يقول تعالى:«فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُما ما يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ» أي ما يشيع الفرقة والتفكك فى المجتمع، وما يفصم أواصر المودة والأخوة بين الناس! حتى بين ألصق الناس بعضهم ببعض..
المرء وزوجه! وهذا الذي يتلقاه هؤلاء العلماء من بنى إسرائيل، من قوى السحر،