للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال: «لا، بل عاما واحدا، ولو قلت كلّ عام لوجبت، ولو وجبت لكفرتم!» أي لم تستطيعوا الوفاء بما فرض عليكم، وفى هذا مخالفة لحكم من أحكام الله، وتضييع لفريضة من فرائضه، وذلك هو كفر بالله.

وقوله تعالى: «وَإِنْ تَسْئَلُوا عَنْها حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ» .

المراد بقوله تعالى: «حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ» أي حين تجىء آيات الله فى الوقت المقدور لنزولها، بما تنزل به من أحكام، حتى يتم نزول القرآن الكريم كله.. فإن بقي فى نفوسهم شىء بعدها سألوا عنه.. وفى هذا إشارة إلى أن أحكام الشريعة كانت تتنزل بقدر مقدور لها، وبتوقيت محدد لنزولها..

فإذا جاء القرآن بحكم من الأحكام، كان السؤال مطلوبا من المسلمين عما خفى عليهم من هذا الحكم الذي جاء به، على أن يكون ذلك موقوفا به عند حدود الحكم، وفى بيان محتواه..

أما مجاوزة هذه الحدود فهى مما نهى عنه. وهى من التنطع والتكلف الذي لا يجرّ وراءه إلا الحسرة والندم، كهذا السؤال الذي سئله الرسول صلوات الله وسلامه عليه، وهو يدعو الناس إلى أداء فريضة الحج.. فقد كان أمر الرسول واضحا محددا، وكذلك ما نزل به القرآن فى أمر الحج «وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» فالسؤال بعد هذا عن الحج، وهل هو كل عام، أو مرة واحدة- فيه تكلف لا مبرر له، ولا حاجة إليه.

وقوله تعالى: «عَفَا اللَّهُ عَنْها» الضمير هنا يعود إلى تلك الأشياء التي كانت مباحة للمسلمين فى أول الإسلام، ثم جاء الإسلام، فى زمن متراخ فحرمها عليهم.. كالخمر، والربا، والزواج من زوجات الأبناء من الأصلاب وكثير غير هذا، مما حرمته الشريعة، من أمور كان يأتيها الجاهليون وجرى عليها المسلمون فى أول الإسلام..

<<  <  ج: ص:  >  >>