للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فى هذه الصورة، التي تكاد تكون وعاء حاملا لتلك المشاعر، بحيث ترى وتحسّ.

وتلك أخرى..

وثالثا: هذا المتاع الذي بين يدى هذا الإنسان المحتضر.. إنه متعلق بأكثر من جهة.. فهناك صاحب هذا المتاع الذي يريده أن يبلغ أهله، وهو فى شك من أن يصل إليهم سالما.. وهناك الشاهدان اللذان أشهدهما المحتضر على وصيّته، ووضع فى أيديهما كل ما فى يده.. إنهما يحملان أمانة ليس وراءها من يطالبهم بها، إلا ما معهما من إيمان وتقوى.. وما أكثر وساوس النفس فى تلك الحال، وما أكثر نداءها الصارخ لاغتيال هذا المال الذي غاب عنه صاحبه.. إن لم يكن كله، فالخيار الكريم منه.

وهناك ورثة صاحب هذا المال، ومن أوصى لهم بشىء منه.. إنهم مهما حرص الشاهدان على أداء الأمانة كاملة فيما اؤتمنا عليه، ومهما تحرّيا الصدق فى قولهما، وفيما أدى إليهما هذا الميت من اعترافات وأسرار وأموال- فلن يقع هذا كله من أهل الميت موقع اليقين والطمأنينة..

من أجل هذا أيضا كان تنازع الكلمات القرآنية فيما بينها، حتى لكأنها هذه الجهات المتنازعة المتخاصمة، فى مسارب نفوسها، وفى مجرى خواطرها، حتى وإن لم يتخذ هذا النزاع وذلك التخاصم صورة عملية فى واقع الحياة..!

وقد آن لنا- بعد هذا- أن ننظر فى معنى هذه الآيات، على هذا الوجه الذي فهمناها عليه، ونظرنا إليها منه..

فقوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهادَةُ بَيْنِكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنانِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ.» هو تشريع للمؤمنين، فيما يواجهون به موقفا كهذا

<<  <  ج: ص:  >  >>