وقوله تعالى:«قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها» هو تقرير عن هذا الموقف، الذي انكشف فيه للكافرين ما كانوا فيه من غفلة وضلال، وفى هذا التقرير، يرى كل ضال غافل، المصير الذي ينتهى به ضلاله وغفلته إليه، وهو الخسران والضياع والهلاك..
«حَتَّى إِذا جاءَتْهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً» أي فجأة على غير انتظار، إذ كانوا على تكذيب قاطع بهذا اليوم، فإذا طلع عليهم كان ذلك مباغتا لهم ومفاجئا..
«قالُوا يا حَسْرَتَنا عَلى ما فَرَّطْنا فِيها» وإنها لحسرة تطول، لا نهاية لها، حيث أفلت من أيديهم ما كان يمكن أن يعدّوه لهذا اليوم الذي أنكروه، ولم يعملوا له حسابا..
والتفريط: التقصير، بخلاف الإفراط، الذي هو المبالغة فى المطلوب، وتجاوز الحدّ فيه.
والضمير فى قوله تعالى:«فِيها» يعود إلى الساعة، وهى يوم القيامة قوله تعالى:«وَهُمْ يَحْمِلُونَ أَوْزارَهُمْ عَلى ظُهُورِهِمْ» .
الأوزار: جمع وزر، وهو الحمل الثقيل.. أي أنهم يجيئون إلى يوم القيامة محملين بأحمال ثقيلة، من الآثام، تنوء بها ظهورهم.. «أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ» فما أشأم ذلك الحمل، وما أسوأه، إذ كان هو الجريمة التي تدين حامله، والشهادة التي تشهد عليه، وتجرّه إلى النار..
وقوله تعالى:«وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا لَعِبٌ وَلَهْوٌ» هو تعقيب على هذا الحكم الذي حكم به سبحانه على أهل الضلال والكفر.. فقد غرّتهم الحياة الدنيا، وألهتهم عن الآخرة، فلم يعملوا لها ولم يقدموا ليومها، زادا ينفعهم فى هذا الموقف العصيب..