وأن ينزلهم منازل الإكرام عنده.. فليهنئهم هذا الرضوان، وليسعدوا بما آتاهم الله من فضله..
وفى مشيئة الله، ومشيئة العباد، كثر القول، واختلفت المقولات، وتعدّدت الآراء، وتشعبت مذاهب الرأى، فكان من ذلك مقولات كثيرة:
فى الجبر والاختيار، وفى القضاء والقدر، وفى الثواب والعقاب، إلى غير ذلك مما يتّصل بمشيئة الله، ومشيئة عباده.. وهل للعباد مع مشيئة الله مشيئة؟ وهل إذا كانت لهم مشيئة أفلا ينقص ذلك من كمال الله وقدرته؟ وإذا لم يكن لهم مشيئة فكيف يثابون ويعاقبون على ما لا مشيئة لهم فيه؟ إنهم مسيّرون لا مخيّرون.. وعدل الله يقضى ألا يحاسب إنسان على ما ليس من كسبه؟
وهكذا تتشعب مذاهب القول، وتختلف وجوه الرأى، ويحتدم الصراع بين أصحاب المقولات، ويلتحم القتال زمنا طويلا، يترامى فيه المقاتلون بكل ما يقع لأيديهم من أسلحة، فى مجال الرأى حينا، وفى ميدان الحرب بالرماح والسيوف حينا..
هذا، وسنعرض لهذا الموضوع، فى بحث خاص إن شاء الله.
وقوله تعالى:«قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتاكُمْ عَذابُ اللَّهِ أَوْ أَتَتْكُمُ السَّاعَةُ أَغَيْرَ اللَّهِ تَدْعُونَ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» تسفية وتجريم لهؤلاء الذين أشركوا بالله، وضلّوا عن سبيله.. فإن هؤلاء الضالّين المشركين، إذا كربتهم الكروب، وأحاط بهم البلاء، وعاينوا الموت، تنبهت فيهم قوى الإدراك التي كانوا قد عطلوها، ووضحت لهم الحقيقة التي ضلّوا الطريق إليها، فرأوا أنه لا إله إلا الله وحده، وأنه هو الذي يملك دفع هذه الشدائد، ويقدر عليها.. هنالك يدعون الله، ويضرعون إليه، أن يكشف الضرّ، ويرفع البلاء!