وعطايا جزيلة، كان لكثير من الناس مكر فيها، وكفر بها.. وهى التي كان من شأنها أن تقابل منهم بالولاء لله، والتمجيد له، والتسبيح بحمده..
فهذه الجنات المعروشات، أي القائمة على عروش: وهى العنب الذي يفترش سقوفا تتدلّى منها ثماره المهدّلة، وهذه الجنّات غير المعروشات التي تظلل الأرض بأغصانها، وأوراقها وثمارها، وهذه النخيل السابحة فى أعنان السماء، تحمل على رءوسها ثمرا مختلف الألوان، متشاكل الطعوم، وهذه الزروع التي تفترش الأرض، وتكسو أديمها ببساط سندسى يحمل على ظهره الحبّ والثمر، وهذه الأشجار من الزيتون والرّمان، فى صوره المختلفة، وأشكاله المتعددة- كل هذا الذي يملأ الأرض من حياة، وجمال، ومن خير عميم ورزق كريم، هو من صنع الخالق العظيم، ومن فيض كرمه وإحسانه.. وهو مائدة ممدودة لعباده جميعا.. وربّ المائدة يضيفهم إليه، ويدعوهم إلى مدّ أيديهم إلى هذا الرزق الكريم.. «كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» .
وفى قوله تعالى:«كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ» تذكير للناس بهذه النعم التي أفاضها الله عليهم، وإلفات للغافلين منهم إلى ما لله سبحانه وتعالى عليهم من فضل وإحسان، وإلا فإن الناس فى غير حاجة إلى دعوة للأخذ من هذا الثمر والأكل منه.. ولكن فى دعوة الله سبحانه وتعالى تذكير لهم بأنهم فى ضيافة صاحب هذا الثمر، وأنهم لن يأكلوا منه إلا بعد أن يأذن لهم، إذن تكريم وتفضّل وإحسان..
وفى القيد الوارد على الأكل من الثمر بقوله تعالى:«إِذا أَثْمَرَ» تقييد للأنظار بهذه الجنات وتلك الزروع، وملاحظة أطوار الحياة التي تتنقل فيها، وأنها لم تصل إلى هذا الطور الذي تحمل فيه الثمر الذي يصلح للأكل إلا بعد أن قطعت طريقا طويلا، فى نموّها وتطورها، شأنها شأن الإنسان يكون