للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بذرة فى بطن أمه، ثم ينشق عنه الرحم وليدا، فطفلا، فغلاما، فصبيّا، فشابا، فكهلا، فشيخا..

وبهذه الملاحظة لتلك الجنات وهذه الزروع تتجلى قدرة الله، وتتكشف آيات إبداعه وخلقه، فيكون من ذلك كله عبرة لأولى الألباب، وتبصرة وذكرى لقوم يؤمنون.

وقوله سبحانه «وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصادِهِ» أمر بأداء الحق المفروض على هذه النعم التي يعيش فيها أهلها.. وحق هذه النعم هو شكر الله عليها، إذ هو المنعم بها، ومن شكر الله عليها، مشاركة الفقراء والمحتاجين لهم فيها، وإعطاؤهم ما أوجب الله على الأغنياء للفقراء فى أموالهم فى قوله تعالى «وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ» (٢٤- ٢٥: المعارج) وفى إضافة الحقّ إلى الله سبحانه وتعالى هكذا: «حقّه» إشعار بأن هذا الحق هو لله، صاحب هذه النعم، وأنه سبحانه قد جعل هذا الحقّ الذي له، لهؤلاء الفقراء من عباده..

وإذن فليس لأحد من الأغنياء منّة على هؤلاء الفقراء، ولا فضل له عليهم، إذا هو أعطاهم مما لله عنده.. فذلك من حقّ الله عليه، والله سبحانه وتعالى يجزيه عما أعطى، فضلا منه سبحانه وكرما.. لأنه تعالى يأخذ مما له، ويجزى الثواب الجزيل عليه، أضعافا مضاعفة.. فسبحانه سبحانه، ما أعظم فضله، وما أوسع رحمته، وأكثر مننه على عباده..

وفى قوله سبحانه: «وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ» ذهب أكثر المفسّرين إلى أنّ النهى هنا وارد على إتيان حق الله فى هذا الثمر، وجعلوا الحقّ مضافا إلى الزرع على معنى: وآتوا حقّ الثمر يوم حصاده بالصدقة

<<  <  ج: ص:  >  >>