للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الفقراء فى قصد دون إسراف.

وهذا- فى رأينا- مردود من وجوه:

فأولا: إضافة الحق إلى الله سبحانه وتعالى أولى من إضافته إلى الثمر، لأنه بالنسبة إلى الله حق أصيل، وهو بالنسبة للثمر حق تبعىّ، بعد تعلق حق الله به.

وثانيا: أنه ليس من طبيعة الناس الإسراف فى الإحسان، وإنما الغالب عليهم هو البخل والشحّ فى هذا الباب، ولهذا كانت دعوة الله إليهم دائما متجهة إلى التحريض على الإنفاق، والإغراء به، بما وعد الله المحسنين من الخير العظيم على إحسانهم فى الدنيا، بنماء أموالهم، وفى الآخرة، بحسن المثوبة وعظيم الجزاء. مثل قوله تعالى «فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى» (٥- ١٠ الليل) ..

وقوله سبحانه: «مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللَّهُ واسِعٌ عَلِيمٌ» (٢٦١: البقرة) .

فالشحّ هو الغالب على الناس، وليس السّخاء، ولا الإسراف فى هذا المقام، مقام التصدّق على الفقراء..

وعلى هذا، فإنه من غير المتفق مع دعوة القرآن، أن تحمل آياته دعوة إلى التحذير من الإسراف فى البذل والعطاء، للفقراء والمساكين.

وثالثا: إذا كان فى المؤمنين من يبالغ فى الإحسان، ويسرف فى البذل، فإن ذلك زيادة فى الخير، ومبالغة فى الإحسان، فلا تجىء دعوة سماوية

<<  <  ج: ص:  >  >>