«إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنزِيرٍ» أي أو فسقا أُهِلَّ لِغَيْرِ اللَّهِ بِهِ» .. وقوله تعالى «فَإِنَّهُ رِجْسٌ» هو بيان للعلة فى حرمة لحم الخنزير.
أي فإن لحم الخنزير رجس، أي قذر أصلا، بخلاف المحرمات السابقة فإنها حلال أصلا، ولكن دخل عليها ما أفسدها وجعلها فسقا خارجا عن دائرة الحلال..
وقوله تعالى:«فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» هو استثناء من حرمة المحرّمات السابقة التي حرم الله على المسلمين أن يطعموا منها فى حياتهم المألوفة..
أما إذا وقع المسلم فى حال لا يجد فيها ما يأكله وخاف على نفسه التلف، فإنه قد أبيح له أن يتناول من تلك المحرمات ما يسد جوعته، ويحفظ حياته..
«غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ» أي غير متجاوز الحدّ الذي يدفع عنه ضراوة الجوع، وغير معرض نفسه لمثل هذا الموقف قصدا، ليستبيح لحم الخنزير مثلا..
وقوله تعالى:«فَإِنَّ رَبَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» إشارة إلى سعة رحمة الله ومغفرته لعباده، وما لهما من أثر فى ضبط هذا الموقف الذي يضطر فيه الإنسان إلى الإلمام بهذه المحرمات..
فمن رحمة الله أنه عمل على صيانة النفس الإنسانية من التلف، فأباح لها المحظور عند الاضطرار والحاجة، بعد أن صانها من الدنس فحرم عليها الخبيث.
ومن واسع مغفرته أنه شمل هذه المحظورات فى حال الاضطرار، بالمغفرة.
وفى تقديم المغفرة على الرحمة كرم ولطف من رب العالمين، حيث جعل المغفرة إذنا يصحبه معه من يأكل من هذه المحظورات عند الاضطرار فلا يتأثم ولا يتحرّج قوله تعالى:«وَعَلَى الَّذِينَ هادُوا حَرَّمْنا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ» ..