(٣) : ثم تجىء بعد ذلك إشارة أوضح وأصرح من سابقتها فى التحذير من الخمر.. إذ يقول تعالى:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ»(٤٣: النساء) فقد حرمت هذه الآية على المسلم أن يدخل فى الصلاة وهو فى حال سكر، لا يعلم معها ما يقول.
والصلاة تتكرر فى اليوم خمس مرات، فى أوقات متفاوتة، تكاد تجعل الليل والنهار قسمة بينها، وهيهات أن يشرب شارب الخمر عقب صلاة من الصلوات، ثم تدركه الصلاة التالية، وقد صحا من خماره، أو أفاق من سكره.
ولقد دعت هذه الإشارة كثيرا من المسلمين إلى أن يتجنبوا الخمر، وألا يقربوها بحال، على حين ظل بعضهم يلقاها بين الحين والحين، وفى حذر وإشفاق..
وبهذا يجىء الحكم القاطع فى تحريم الخمر، فتصبح منذ اليوم الذي نزلت فيه هاتان الآيتان الكريمتان، محرمة على المسلم! والسؤال الوارد بعد هذا: هو: ماذا يقال عن تلك الآيات التي تحدثت عن الخمر، قبل هاتين الآيتين اللتين جاءتا صريحتين قاطعتين بتحريم الخمر؟
أهي منسوخة بهاتين الآيتين؟ وهل هناك سلسلة من التناسخ بينها، بحيث ينسخ بعضها بعضا.. اللاحق منها ينسخ السابق؟
والجواب على هذا ليس جوابا واحدا.. فإذا قلنا بوجود النسخ فى القرآن