كان واضحا أن هذه الآيات جميعها منسوخة بالآيتين الأخيرتين، وكانت مراحل النسخ بينها متتابعة.. اللاحق منها ينسخ السابق! أما إذا قلنا بألّا نسخ فى القران، كان الجواب، بأن هذه الآيات جميعها عاملة، تلاوة وحكما، وأن اللاحق منها هو منسأ تأخر نزوله، ووجب امتثاله، كلّ فى وقته، لحكمة توجب ذلك الحكم الذي تضمنته الآية.
وهنا يلقانا هذا السؤال: كيف يمكن التوفيق بين هذه الأحكام المختلفة، فى أمر واحد هو الخمر؟
فالخمر: رزق غير حسن..
وهى إثم ونفع، وإثمها أكبر من نفعها..
وهى محرمة.. إذا دخل بها شاربها الصلاة وقد سكر منها.
ثم هى محرمة حرمة مطلقة من كل قيد! هذه سلسلة من الأحكام، واقعة على أمر واحد هو الخمر.
فأى هذه الآيات، أو بمعنى آخر، أي أحكام هذه الآيات يلزم المسلمين العمل، والوقوف عنده؟
وقبل الإجابة على هذا السؤال، نسأل سؤالا آخر ونجيب عليه، وهو:
هل من شأن النهى القاطع الملزم الذي جاءت به آخر آية فى تحريم الخمر- هل من شأن هذا النهى أن يحول بين المسلم وبين أن يشرب الخمر؟ أو بمعنى آخر هل فى هذا النهى من القوى الذاتية ما يعصم المسلمين جميعا من شرب الخمر أو يحميهم جميعا- فردا فردا- من الضعف النفسي إزاءها؟
والجواب على هذا إنما نأخذه من الواقع التطبيقى فى الحياة، للأوامر والنواهي، التي جاءت بها الأديان، وهى أن أي أمر أو نهى لا يستقيم الناس جميعا عليه، ولن يلتزموه التزاما كاملا، فما أكثر الذين يخرجون عن تلك