للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- «يا إِبْلِيسُ ما مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِما خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْعالِينَ» .... (٧٥: ص) ٣- «يا إِبْلِيسُ ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ» ... (٣: الحجر) وهذه المواضع الثلاث، لم يكن تكرارها لمجرد التكرار، وإنما لتعطى الصورة الكاملة لموقف الاتهام الذي وقفه إبليس بين يدى الله.. وأنه تلقى هذه الأسئلة جميعا فى تبلّد ووجوم، وكان جوابه عليها فى وقاحة فاجرة.. هكذا:

«ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ؟» ... «لَمْ أَكُنْ لِأَسْجُدَ لِبَشَرٍ خَلَقْتَهُ مِنْ صَلْصالٍ مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ» .

«ما منعك ألا تسجد إذ أمرتك؟ ... أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين» ..

«ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدىّ؟ .. أستكبرت أم كنت من العالين؟» ... «أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين» ..

وتتردد هذه الإجابات فى صدر إبليس، وتضطرب على لسانه، وإذا هى كما انتزعها الله سبحانه وتعالى من صدره، وضبطها على لسانه..

وقد تكررت إجابته: «أنا خير منه خلقتنى من نار وخلقته من طين» إذ كان هذا الاختلاف فيما بين النار والطين، هو الذي أضلّ إبليس وأغواه، حين قدّر أن النار خير من الطين.. وأن الأعلى لا يسجد للأدنى..

من هذا نستطيع أن نخلص إلى القول بأن قوله تعالى: «ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ إِذْ أَمَرْتُكَ» هو بمعنى قوله تعالى: «ما لَكَ أَلَّا تَكُونَ مَعَ السَّاجِدِينَ» .. وأن فعل المنع هنا بمعنى الدافع الذي دفع إلى ترك الفعل المأمور به، والتقدير: ما حملك أو ما دفعك على أن يكون منك هذا الموقف الفاجر الذي وقفته، وهو أنك لم تكن من الساجدين..؟

<<  <  ج: ص:  >  >>