يكون فى حال سكر، لا يدرى معها ما يقول.. وهنا نجد الآية الكريمة:
«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ» نجدها عاملة غير معطلة، فهى تفرض حكمها على من خالف ما نهى الله عنه- من أمر الخمر فشربها حتى سكر، وهو ألا يقرب الصلاة حتى يصحو من سكره، ويعلم ما يقول.
وتبقى بعد هذا الآيتان: الأولى والثانية، وهى قوله تعالى:«وَمِنْ ثَمَراتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنابِ تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَراً وَرِزْقاً حَسَناً» وقوله تعالى: «يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُما أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِما» .
وهاتان الآتيان تعرّضان بالخمر، وتشنّعان عليها، وتضعانها موضعا غير كريم، وتزنانها بميزان يقلّ فيه خيرها ويكثر فيه شرها.
فهى رزق.. ولكنها رزق غير حسن.
وهى نفع.. ولكن إثمها أكبر من نفعها.
وهى رجس.. ولكن بعض الناس يلطخ نفسه بهذا الرجس!.
فجميع هذه الأوصاف هى للخمر، وهى أوصاف خسيسة كلها، ولكنها درجات فى الخسّة من حيث النظرة التي ينظر بها إليها، وهى على جميع مواقع النظر موسومة بسمة القبح والإثم والرجس، وتلك الأوصاف ملازمة لها، لا تنفصل عنها أبدا.
وإذن فالآيات الأربع الواردة فى شأن الخمر، لا تعارض بينها، ولا تناسخ، بل كلها عاملة، تعطى الوصف المناسب لها، كما تعطى الحكم المناسب أيضا.
وما قيل فى آيات الخمر، يقال فى آيات الربا كذلك:
فالآيات التي نزلت فى شأن الربا، جاءت متدرجة على مراحل، على نحو ما جاءت عليه آيات الخمر فى الخمر.