للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأول ما نزل فى شأن الربا قوله تعالى: «وَما آتَيْتُمْ مِنْ رِباً لِيَرْبُوَا فِي أَمْوالِ النَّاسِ فَلا يَرْبُوا عِنْدَ اللَّهِ وَما آتَيْتُمْ مِنْ زَكاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ» (٣٩: الروم) .

وفى هذا تحريم للرّبا، وتشنيع عليه، وكشف لوجه كريه من وجوهه.

ثم نزل بعد هذا قوله تعالى فى شأن اليهود المتعاملين بالربا، المستحلّين له:

«وَأَخْذِهِمُ الرِّبَوا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوالَ النَّاسِ بِالْباطِلِ» (١٦١: النساء) .

وهذه الإشارة والإشارة التي قبلها تدعوان كثيرا من المسلمين إلى أن يحذروا هذا النوع من المعاملات، وأن ينفروا منه، وإن لم يكن قد حرّم عليهم بعد.

ثم نزل بعد هذا قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ» (١٣٠: آل عمران) .

«والنهى هنا ليس نهيا قاطعا فى تحريم الربا تحريما مطلقا، وإنما وقع تحريمه فى صورة خاصة، وهى أن يكون أضعافا مضاعفة.. وهذه الصورة تقابل فى تحريم الخمر قوله تعالى: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى حَتَّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ» .

ثم كانت الكلمة الأخيرة فى الرّبا، فنزل قوله تعالى:

«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ» (٢٧٨- ٢٧٩: البقرة) .

وبهذا كان الحسم والقطع فى تحريم الرّبا!.

هذا، ويرى كثير من العلماء أن ما جاء فى الربا والخمر، ليس من قبيل النسخ، لأن النسخ هو إزالة حكم شرعى بحكم آخر شرعى.. والخمر والربا لم يكن قد جاء فيهما حكم شرعىّ بحلّهما، ثم جاء حكم شرعىّ

<<  <  ج: ص:  >  >>