للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر بتحريمهما، فيكون الحكم الثاني ناسخا للحكم الأول، وإنما هما مما كانا للعرب فى الجاهلية، ثم جاء الإسلام فوجدهما على ما هما عليه فحرّمهما.. وقد ظلّت الخمر غير محرّمة إلى صلح الحديبية، حيث جاء القرآن إذاك بتحريمها.

وكذلك الرّبا، لم يحرم تحريما قاطعا إلا قبيل وفاة النبىّ الكريم.

ولكن إذا قيل فى القرآن نسخ- ألا تعتبر هذه المراحل التشريعية للأمر الواحد واختلاف الحكم فى كل مرحلة منها- ألا تعتبر هذه المراحل مما يقيم للقائلين بالنسخ فى القرآن، الشرط الذي يطلبونه له، وهو إزالة حكم شرعى، بحكم شرعى آخر؟.

ثم ألا تعتبر كل مرحلة من هذه المراحل مظروفة بحكم يخصّها.. ثم تجىء المرحلة التالية فتنسخ حكمها؟.

وعلى أىّ فإن رأينا فى الآيات التي نزلت فى الخمر والرّبا ألّا تناسخ بينها، وأنها جميعا محكمة، عاملة، تلاوة وحكما.

وندع هذه الآيات التي يلتقى معنا فى الرأى فيها بعض الذين يقولون بالنسخ، وإن كان هذا اللقاء على وجه مختلف بيننا وبينهم!.

وننظر فى آيات أخرى يقطعون بالقول بنسخها، ونقطع نحن بالقول بأنها غير منسوخة.

فمن ذلك قوله تعالى:

«وَإِذا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُوا الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفاً» (٨: النساء) .

فالقائلون بالنسخ مجمعون- قولا واحدا- على أن هذه الآية منسوخة بآية المواريث.

<<  <  ج: ص:  >  >>