وليس بين يديه، ولا فى ملك قدرته إلا ورق الشجر، فيتخذ منه ساترا يستر به سوأته- تماما كما يفعل الإنسان البدائى، الذي لم يخرج من عالم الغابة أو «الجنة» التي هى كل دنياه! ونقرأ الآيات: «فوسوس لهما الشيطان ليبدى لهما ما وورى عنهما من سوآتهما وقال ما نها كما ربكما عن هذه الشجرة إلا أن تكونا ملكين أو تكونا من الخالدين» .. فالملائكة عالم لا يعرف الشر، بل قل إنه لا يعرف الخير أيضا.. فمن لا يعرف الشر لا يعرف الخير..
وإلى اللحظة التي لم يأكل فيها آدم من الشجرة كان أشبه بالملائكة، لا يعرف خيرا ولا شرا.. أما إبليس فقد عرف الشر وواقع المعصية، وبهذا خرج من عالم الملائكة، وكان عليه أن يضم آدم إلى عالمه هذا الذي تحول إليه..
ولا يتم هذا إلا إذا كانت لآدم إرادة تعمل فى مواجهة الإرادة الإلهية..
«وَقاسَمَهُما إِنِّي لَكُما لَمِنَ النَّاصِحِينَ» أي أقسم لهما أنه ناصح، لا يبغى إلا الخير لهم.. وهكذا كل منافق، يتكثّر من الحلف، ولو لم يشك فيه أحد.. إنه يشعر بما فى قلبه، وما على لسانه، من كذب وزور، فيحاول جاهدا أن يؤكده ويقويه بالأيمان..
وفى قوله تعالى:«وَقاسَمَهُما» إشارة إلى تنازع الأقسام بينه وبينهما، وكأنّ فى سكوتهما عنه قسما منهما باتهامه والحذر منه، ولهذا صح أن تكون المقاسمة شركة بينهما وبينه..