دلّاهما أي أنزلهما من مرتبهما، التي كانا فيها على السلامة والبراءة، إلى حيث كانت منهما مواقعة الخطيئة وارتكاب المعصية.. والتدلية: السقوط من عل، يقال: دلّى الدلو وأدلاه إذا ألقى به فى البئر..
والغرور: الخديعة والاحتيال.. والباء فى قوله تعالى:«بِغُرُورٍ» باء الاستعانة أي أنزلهما مستعينا بالتغرير والخديعة..
والسوأة: العورة، وما يسوء الإنسان أن يطلع عليه أحد..
وفى قوله تعالى:«وَطَفِقا يَخْصِفانِ عَلَيْهِما مِنْ وَرَقِ الْجَنَّةِ» إشارة إلى موالاة الخصف من ورق الشجر.. والخصف جمع الشيء إلى الشيء، وخياطته به.
«قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» ذلك هو جوابهما واعتذارهما، لما كان منهما.. إنهما ظلما أنفسهما بما فرط منهما بارتكاب المعصية، والخروج عن أمر ربهما، فهما فى معرض الهلاك والخسران، إن لم يغفر لهما ربهما ويرحمهما..
والخطيئة التي وقع فيها آدم هى التي اكتمل بها وجوده كإنسان، ولولا هذه الخطيئة لظل- كما قلنا- فى عالم الحيوان، الذي هو ليس أهلا للتكليف وحمل الأمانة..
ولعل هذا المعنى هو ما يشير إليه قوله تعالى:«إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمانَةَ عَلَى السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبالِ فَأَبَيْنَ أَنْ يَحْمِلْنَها وَأَشْفَقْنَ مِنْها وَحَمَلَهَا الْإِنْسانُ إِنَّهُ كانَ ظَلُوماً جَهُولًا»(٧٢: الأحزاب) وهذا الوصف للإنسان بأنه ظلوم جهول، يلتقى مع قول آدم فيما ذكره الله تعالى عنه:«رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا» فقد ظلم آدم نفسه، وظلم ذريته معه بحمل هذه الأمانة التي أبت السموات والأرض والجبال أن يحملنها وأشفقن منها..