وقوله تعالى:«ذلِكَ مِنْ آياتِ اللَّهِ» لإشارة هنا إلى هذه النعم التي يجمّل بها الإنسان وجوده الخارجي ولداخلى، أي الجسدى والروحي معا، وهذه النعم هى من الآيات الدالة على قدرة الله، الناطقة بجلاله وعظمته.. بها يصبح الإنسان إنسانا كريما على الله، عظيما فى الناس..
وقوله تعالى:«لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ» فى العدول عن الخطاب من «لعلكم تذكرون» إلى الغيبة «لعلهم يذّكرون» إشارة إلى ما فى الناس من غفلة، وأنهم وهم بمحضر من هذا المعرض الذي تعرض فيه آيات الله، وتتحدث فيه نعمه- هم غافلون، لا تصفى منهم الأفئدة، ولا تستيقظ منهم العقول. فلعلّ هؤلاء النائمون يستيقظون، ولعل هؤلاء الغافلون ينتبهون..!
٢- والمادة الثانية من مواد هذا الدستور، هى أن يحذر أبناء آدم هذا العدوّ المبين المتربص بهم، وأن يكونوا على يقظة دائمة من أباطيله وضلالاته التي يغريهم بها، ويزينها لهم، ليفتنهم فى دينهم، وليخرجهم من الإيمان بالله والاستقامة على طاعته، إلى الشرك به، والتعدّى على حرماته، فيعيد معهم سيرته مع أبويهم اللذين أخرجهما من الجنة، بما زين لهما من ضلال، وبما أغراهما من غرور. وفى هذا يقول الله تعالى:«يا بَنِي آدَمَ لا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطانُ كَما أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ.. الآية» .
وفى قوله تعالى:«إِنَّهُ يَراكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لا تَرَوْنَهُمْ» تحذير بعد تحذير، من وساوس الشيطان ومغرياته، وأنه عدوّ خفىّ يرى الإنسان، ويرصد حركاته وسكناته، ويطلع منه على مواطن الضعف، فينفذ إليه منها..
ومن هنا كان خطره داهما، وشره مستطيرا، ومن هنا أيضا كانت حاجة الإنسان إلى اليقظة الدائمة، والمراقبة المستمرة، من هذا العدو الخفىّ المتربص، الذي لا يعرف الإنسان متى يهجم عليه، ويجعل منه صيدا يقع ليده..
وقوله تعالى:«إِنَّا جَعَلْنَا الشَّياطِينَ أَوْلِياءَ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ» إشارة إلى