وها هم أولاء جميعا- المؤمنون والكافرون- فى يوم الحساب، والجزاء، ولقاء ما وعد الله..
وها هم أولاء المؤمنون قد أنجز الله لهم وعده، وأدخلهم جنته، وها هم أولاء الكافرون، قد أخذهم الله بوعيده، فألقى بهم فى جهنّم..
وفى سؤال أهل الجنة أصحاب النّار هذا السؤال:«قَدْ وَجَدْنا ما وَعَدَنا رَبُّنا حَقًّا فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا؟» خرى لأصحاب النار، وتقريع لهم، وعذاب فوق العذاب الذي هم فيه..
وفى قوله تعالى على لسان أهل الجنة:«فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا» بلفظ الوعد مطلقا من غير ذكر الموعودين- إلفات لأهل النار إلى ما وعد الله المؤمنين به، من رضوان، وليحققوا ما تم فى هذا الموعد.. وإنه لنعيم عظيم، يراه أصحاب النار، ولا يدنون منه..
وفى جواب أصحاب النار بقولهم:«نعم» - يقولونها فى ذلة واستخزاء- فى هذا ما يكشف عن مضاعفة آلامهم وإذلالهم.. وإنهم ليقولون هذه الكلمة فى حشرجة أشبه بحشرجة الموت، من هول ما يلاقون من عذاب.
ثم ما يكادون ينطقون بهذا الجواب الذي يشهدون به على أنفسهم ويدينونها بما هم فيه من عذاب، حتى يقرع آذانهم هذا الصوت الذي يملأ الآفاق من حولهم:«أن لعنة الله على الظالمين» .. إنه صوت الوجود كله، يلعن الظالمين ويخزيهم، ويفضح ما كان منهم من كفر بالله، وصدّ عن سبيله:«الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَيَبْغُونَها عِوَجاً وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كافِرُونَ» لقد كانوا هكذا فى دنياهم، يصدّون أنفسهم ويصدّون الناس عن طريق الحق المستقيم، ويريدونها طريقا معوجّة، قائمة على الضلال، والبغي والعدوان.. إذ كانوا يكفرون بالآخرة، ولا يرجون لقاء الله.
ثانيا: بين أهل الجنة وأصحاب النّار حجاب، يعزل كل فريق عن