وهذا عقاب خفىّ، لا يراه الرسول، حتى لا يحزن ولا يأسى..
وفى قوله تعالى:«فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ» إشارة إلى أن المعجزة التي بين يدى هؤلاء القوم، والتي تكشف لهم الطريق إلى تصديق الرسول والإيمان بما جاء به- ليست معجزة منظورة تراها العين، ولكنها معجزة مقروءة تسمعها الأذن، ويعيها القلب.. وتلك المعجزة هى القرآن الكريم، والمستمعون لها هم هؤلاء القوم المشركون، ولكنهم لا يسمعون السمع الذي ينفذ إلى القلب، ويتصل بالعقل..
القرى المشار إليها للنبىّ، هى تلك القرى التي قصّ الله سبحانه وتعالى أخبارها من قبل، وما حلّ بأهلها، بعد أن كذّبوا الرّسل..
وهؤلاء مشركوا أمّ القرى ومن حولها، قد سمعوا ما قصّ الله من أنباء القرى التي أهلكها الله حين كذبوا رسل الله، وهاهم أولاء يكذبون النبيّ ويمثّلون معه الموقف نفسه الذي وقفه من سبقهم من أهل القرى التي أهلكها الله- هؤلاء المشركون وتلك حالهم، هم بين أمرين:
إما أن ينتظروا البلاء الذي حلّ بمن سبقهم، وإما أن يؤمنوا بالله، ويستجيبوا للرسول.
أما البلاء، فلن يقع بهم والنبيّ فيهم..
وأما الإيمان، فلن يؤمنوا، لأن الله قد طبع على قلوبهم..
وإذن فليس لهم إلا الخزي فى الدنيا، وعذاب السعير في الآخرة..