مكة، تلفتهم إلى مصارع القوم الظالمين، الذين كذبوا رسل الله وأعنتوهم، وأن هؤلاء المشركين من قريش إذا أصروا على ما هم عليه من عناد وشرك، بعد هذا الهدى الذي جاءهم من عند الله، على يد رسول الله- فلن يكونوا بمأمن من هذا المصير المشئوم الذي صار إليه الظالمون من قبلهم.
ولم تذكر الآيات السابقة قصة موسى، مع فرعون، ثم قصته مع قومه بنى إسرائيل..
وهذا ما عرضت له تلك الآيات التي نحن بين يديها الآن..
«ثُمَّ بَعَثْنا مِنْ بَعْدِهِمْ مُوسى بِآياتِنا إِلى فِرْعَوْنَ وَمَلَائِهِ فَظَلَمُوا بِها فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ» .. أي ثم بعث الله سبحانه وتعالى، من بعد هؤلاء الرسل الذين ذكرتهم الآيات السابقة- بعث موسى بآيات معجزات إلى فرعون وملائه، أي الوجوه البارزة من قومه، من وزرائه وقواده، وأصحاب الرأى والكلمة عنده، فلم ينتفع هو ولا قومه بهذه الآيات، ولم يروا فيها طريقا يصلهم إلى الله ويدعوهم إليه، بل ظلوا على ما هم عليه من ظلم ومن بغى، بل لقد كانت تلك الآيات باعثة لهم على المبالغة فى الظلم والبغي، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:
«فَظَلَمُوا بِها» أي اتخذوها أداة من أدوات الظلم، وذريعة من ذرائعه، كما سنرى ذلك فى موقف فرعون بعد أن التقى به موسى، وعرض عليه ما بين يديه من معجزات.
وفى قوله تعالى:«فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ» .. فى هذا ما يسأل عنه وهو: كيف يجىء الأمر بالنظر إلى ما صارت إليه حال القوم المفسدين، ولم تأت عاقبتهم بعد؟ وماذا ينظر الآن من عاقبة هؤلاء المفسدين؟
والجواب: أن المبادرة إلى هذه الدعوة بالنظر إلى مصير المفسدين، هى لإثارة التطلعات إلى تلك الخاتمة المثيرة التي ستختم بها هذه القصة، وما ينتهى