للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إليه الصراع بين الحق والباطل، ففى هذه المبادرة إعداد للنفس، وإثارة لأشواقها، وإخلاء لها من الشواغل، حتى تلتقى بتلك الخاتمة وهى على حال تامة من الوعى واليقظة، فلا تفوتها من مواقع العبرة والعظة فائتة.

ومن جهة أخرى، فإن فى المبادرة بهذا الحكم، على هؤلاء القوم بأنهم مفسدون- إشعارا بأن القضية هنا قضية صراع بين حق وباطل، وبين دعاة إصلاح وأهل فساد، وفى هذا ما يقيم شعور المستمع لهذه القضية على هذا الموقف منها، وهو موقف بين المحقين والمبطلين.

«وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ» .

فهذا هو مبدأ القصة.. يلتقى موسى بفرعون لقاء مباشرا ... ثم يبدؤه بهذا الخبر:

«يا فِرْعَوْنُ ... إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ» ..

ويفعل هذا الخبر فعله فى نفس فرعون، ومن حوله.. ثم لا يكاد فرعون يفيق من صدمة هذا الخبر غير المتوقع، حتى يسد عليه موسى منافذ القول بالتكذيب أو الاتهام، فيتبع الخبر بخبر آخر، يؤكده ويوثقه: «حقيق على ألا أقول على الله إلا الحق» فإن من كان رسولا لربّ العالمين، لا ينبغى له أن يقول غير الحق، إذ الرسول وجه كاشف عن وجه من أرسله.. والله سبحانه وتعالى منزه عن كل نقص، فكذلك ينبغى أن يكون الرسول الذي يرسله، على حظ موفور من الكمال البشرى، فلا يكذب، ولا يخون.. فهو أحق الناس وأجدرهم ألا يقول غير الحق..

وتثور فى نفس فرعون تساؤلات، لا يكاد يمسك بواحدة منها حتى يلقاه

<<  <  ج: ص:  >  >>