فيكون عصا فى يده، ويردّ يده إلى مكانها الذي كانت عليه- إذ ذاك يأخذون فى التفكير لمواجهة هذا التحدّى الذي جاءهم به موسى، ويجدّون فى التماس السبل للوقوف فى وجهه، قبل أن يتصل خبره بالناس، فتكون الفتنة، ويكون البلاء ... كما وقع فى ظنونهم وأوهامهم.
«قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ إِنَّ هذا لَساحِرٌ عَلِيمٌ» .. أي ساحر يقوم سحره على علم ومعرفة، وهو من أجل هذا مصدر خطر عظيم على فرعون وعلى مكانته فى قومه.
«يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ بِسِحْرِهِ» .. فمثل هذا الإنسان الذي يملك تلك القوة، وهذه البراعة، لا يعجز عن أن يفعل ما هو أكثر مما فعل، وليس ببعيد أن يحيل الناس إلى أحجار ودمى، كما أحال العصا ثعبانا مبينا.. وليس ببعيد أن يطوّح بفرعون، ويلقى به فى مكان خارج ملكه، ويستولى هو على هذا الملك! ويدور بين القوم حديث طويل متصل، تتوارد فيه الآراء، وتكثر وجوه العروض والحلول.. ثم ينتهى فرعون إلى موقف يسأل فيه الملأ:
ماذا عندهم من قول فى موسى، وفى هذا الذي شهدوه منه..؟.
«فَماذا تَأْمُرُونَ» ؟
إن فرعون يريد منهم موقفا حاسما، ورأيا قاطعا، وأمرا نافذا فى هذا الموقف، الذي لا يحتمل غير المواجهة الحازمة الحاسمة..
وفى قول فرعون لقومه:«فَماذا تَأْمُرُونَ» خروج على المألوف بينه وبينهم، فما اعتادوا أن يسمعوا منه غير كلمة واحدة، هى «الأمر» منه، والطاعة والتنفيذ منهم..
أمّا هنا فى هذا الموقف، فهو متخاذل متهالك، قد هزّته الصدمة، وأذلّت