للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسنعرض لهذه القصة فى موضعها من سورة «طه» إن شاء الله..

وقوله تعالى: «أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا» إشارة إلى غفلة القوم، وإلى إغراقهم فى الجهل والضلال.. ذلك أنه إذا كان قد أخذ «السامري» على عقولهم بهذا الذي فعله، فإنه لم يزد على أن جاء بعجل كسائر العجول التي تملأ السّهل والوعر.. فكيف يصح أن يكون هذا العجل بالذات إلها لهم يعبدونه من دون الله؟ إنه لا أكثر من حيوان، فكيف يعبد الإنسان ما هو أقل منه شأنا؟ «أَلَمْ يَرَوْا أَنَّهُ لا يُكَلِّمُهُمْ وَلا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا؟» .

وقوله تعالى: «اتَّخَذُوهُ وَكانُوا ظالِمِينَ» هو جواب لسؤال مقدر هو:

«وهل اتخذ القوم هذا العجل إلها مع أنه لم يكلمهم، ولم يكشف لهم طريقا إلى الحق؟» فكان الجواب: نعم، اتخذوه، وهم فى اتخاذهم إياه ظالمون، معتدون على الله، ملقون بأنفسهم فى البوار والهلاك..

قوله تعالى: «وَلَمَّا سُقِطَ فِي أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا قالُوا لَئِنْ لَمْ يَرْحَمْنا رَبُّنا وَيَغْفِرْ لَنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ» أي حين وقعت الواقعة، وظهر العجل بينهم، ووقفوا منه موقف العابدين، بان لهم ضلالهم، وانكشف لهم سوء فعلتهم، ولكنهم لم يدروا ماذا يصنعون بهذا الإله القائم بينهم..!

وقوله تعالى: «وَلَمَّا رَجَعَ مُوسى إِلى قَوْمِهِ غَضْبانَ أَسِفاً قالَ بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ» .

كان موسى قد علم- وهو فى مناجاة ربّه- أن قومه قد فتنوا من بعده، وضلوا، وذلك كما أعلمه الله تعالى بقوله: «وَما أَعْجَلَكَ عَنْ قَوْمِكَ يا مُوسى

<<  <  ج: ص:  >  >>