وقوله تعالى:«بِئْسَما خَلَفْتُمُونِي مِنْ بَعْدِي» زجر لهم، وتشنيع لفعلهم، وما أحدثوه من بعده، وقد كانوا خلفاءه على شريعة الله التي تركها فى أيديهم.
وقوله:«وَعَجِلْتُ إِلَيْكَ رَبِّ لِتَرْضى» إشارة إلى أنهم لم ينتظروا حتى يجيئهم موسى من الميقات، حاملا لهم شريعة الله إليهم، كما وعدهم من قبل.
وقوله:«وَأَلْقَى الْأَلْواحَ وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ يَجُرُّهُ إِلَيْهِ» إشارة لمظاهر الغضب والأسف التي نفّس بها موسى عن نفسه، لما رأى ما عليه قومه من كفر وضلال.. فلم يجد إلا هرون، الذي أقامه على القوم، وقال له:«اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ» فأمسك به من رأسه يجرّه إليه فى عنف، ويؤنبه فى غضب.
وقوله:«قالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ وَلا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ» هو استعطاف من هرون لأخيه الذي ثار عليه ثورته تلك، وأخذه من ناصيته يجرّه إليه..
وفى نسبته إليه بأمّه زيادة فى الاستعطاف، إذ يذكر موسى بهذا النسب، فترة الطفولة التي كانت تضمه هو وهرون تحت جناح أمهما، فيرقّ له وتأخذه الشفقة به.
ومن عجب أن التوراة تنسب إلى هرون عليه السلام، أنه هو الذي صنع العجل لبنى إسرائيل ودعاهم إلى عبادته!! ولا تعجب لهذا، فإن فى التوراة أمورا منكرة، أدخلها اليهود عليها لحاجات فى أنفسهم.. ولا أدعك لتذهب بك الظنون كل مذهب.. وها ذا هو بين يديك ما تقول التوراة هنا: