والجواب- والله أعلم-: أن الرسول صلوات الله وسلامه عليه كان يعرف هذا الإنسان، ويعرف إشارة القرآن إليه، كما كانت قريش تعرفه، وكما كان هو يعرف نفسه، وأنه المقصود بهذا الحديث.. ومعنى هذا أنه من كفار قريش ومن رءوسهم البارزة، التي كانت تقف فى وجه الدعوة الإسلامية، وتكيد للنبىّ، وتؤذيه فى نفسه، وفى أصحابه.
وأقرب رجل يدعى هنا ليكون بهذا المكان الذي يطلع منه على الناس، فيرون فيه ما يقصّه الرسول عليهم من حاله تلك التي رسمها القرآن الكريم له- أقرب رجل يدعى هنا، هو «الوليد بن المغيرة» الذي انتدبته قريش ليلقى محمدا، وليكون سفيرها عنده، وليقول له كلمتها إليه، وليبلغه وعدها له بالملك والمال، وما أحبّ مما يطلب من جاه، ومال وسلطان..
فإن لم يستجب «محمد» لهذا، فليسمع وعيدها، ونصبها الحرب له، ولأهله الأدنين، ولكل من اتصل به.
وقد جاء «الوليد» إلى النبىّ، وعرض عليه ما عرض من وعود، فرفضها، لأنه- صلوات الله وسلامه عليه- ما بعثه الله ملكا على الناس، وإنما بعثه هدى ورحمة للعالمين، لا يسألهم أجرا عمّا يقدم إليهم من هدى ونور.. ثم عرض على النبىّ وعيده، وما تتهدّده به قريش من ضرّ وبلاء، فما وجد عند النبىّ إلا ثباتا على موقفه، وإلا رضى وصبرا على ما يلقى فى سبيل رسالة ربّه.. حتى يحكم الله بينه وبين قومه، وهو خير الحاكمين..
ثم دعاه النبي صلوات الله وسلامه عليه أن يسمع منه، كما سمع هو منه..
ثم تلا عليه الآيات الأولى من سورة «فصلت» .
فلما سمع «الوليد» ما سمع من كلمات الله استخزى، ثم خنع، ثم خشع وضرع.. وركبته حال لا يدرى معها ماذا يقول فى هذا الكلام الذي