وقد وقف بعض العلماء بأسماء الله عند ما ذكره القرآن الكريم منها، وهذا لا شك أولى من الخروج عن هذه الأسماء، فهى كثيرة.. أحصاها المحصون تسعة وتسعين اسما.. فلا ضرورة للعدول عنها إلى غيرها لمن يعرف اللغة العربية، أما من لم يحسن العربية، فما يكون فى لغته مقابلا لهذه الأسماء محققا لمعانيها، فهو من الأسماء التي يصحّ أن يدعى الله بها، ويتعبّد بذكرها.
«وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمائِهِ» .. أي دعوهم وما سوّلت لهم أنفسهم من الزيغ والانحراف حتى فى أسماء الله الذي يؤمنون به.. «سَيُجْزَوْنَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ» وسمّى قولهم عملا، لأنه ليس مجرد قول، بل هو فى حقيقته عبادة، ولكنه فى عمل هؤلاء المنحرفين عبادة غير مقبولة، لا يعود منها على صاحبها إلا الإثم والخسران..
فى هذه الآية إشارة إلى أن أهل الحق والعدل، لا يخلو منهم زمان.. وأنهم شهادة قائمة على أهل الزيغ والضلال.. وهم وإن كانوا قلّة فى الناس إلى جانب الكثرة الكثيرة من أهل الضلال، فإنهم مجتمع الله فى هذه الأرض، وورثة أنبيائه على رسالة الإيمان، والحق، والعدل.
وقوله تعالى:«وَبِهِ يَعْدِلُونَ» أي وبالحق يحكمون بين الناس، ويقيمون موازين العدل فيهم، كما أنهم يهدونهم بأنوار الحق، ويخرجونهم من الظلمات إلى النور.. بل إنهم قبل هذا يعدلون بالحقّ، ويحكمون به فى نظرتهم إلى الوجود، وفى تعرفهم على الخالق وإيمانهم به.
«وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لا يَعْلَمُونَ» الاستدراج إلى الشيء: هو الإغراء به، وتيسير السبل إليه، حتى يقع فيه من استدرج إليه.. واستدراج الله سبحانه وتعالى لهؤلاء الذين كذبوا