بآيات الله هو تزيين هذا المنكر لهم، وتيسير سبلهم إليه، كما يقول سبحانه وتعالى:«وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى» .
وهم فى هذا الطريق الذي ركبوه لا يدرون أنهم على شفا جرف هار، فقد أعماهم الضلال عن أن يروا وجه الحق أبدا، كما يقول سبحانه:«أَفَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً»
(٨: سورة فاطر) .. إنهم بما زيّن لهم الشيطان، يرون الخير شرّا، والشّرّ خيرا، والحق باطلا، والباطل حقا.
قوله تعالى:
«وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ» .
الإملاء: إرخاء الزمن، وامتداده.. والمراد به إمهالهم، وعدم تعجيل العقاب لهم، والملاوة: الفترة من الزمن.
أي أن الله سبحانه وتعالى، إنما يملى لهؤلاء الضّالين، ويمدّ لهم فى أسباب الكفر والضلال، ليزدادوا كفرا وضلالا.. «إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ» أي تدبيرى، وتقديرى للأمور، محكم، لا ينقض أبدا.. وفى هذا تهديد للمشركين، الذين ركبوا رءوسهم، ووقفوا هذا الموقف العنادىّ اللئيم من آيات الله، ورسول الله.
قوله تعالى:
«أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ» الخطاب لمشركى قريش، وفى الآية التي قبل هذه الآية نذير لهم ووعيد..
أما فى هذه الآية فهو تسفيه لأحلام القوم، وفضح لمنطقهم السقيم..
فهم إذ يعجزون عن مواجهة الحق الذي فى يد «محمد» لا يجدون غير الكلمات الحمقى يرمونه بها، فيقولون فيما يقولون عنه:«إنه شاعر..
وإنه لمجنون» ! فهل عقلوا هذا القول الذي يقولونه؟ وهل رأوا فى محمد، وفى تصرفاته