وفى هذا إشارة إلى ما يقع بين المشركين بالله، الذين لا يقدرون الله حق قدره، فيضيفون أولادهم إلى غير الله، ويستمدون لهم أمداد الصحة، والسلامة من غير الله، بما يقدمون من قرابين وصلوات إلى من يتمسحون بهم من أصنام وأشباه أصنام! «فَتَعالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ» أي تنزه الله وعلا وتمجد عن أن يكون له شركاء، يعملون معه، ويشاركون فى تدبير ملكه.
«أَيُشْرِكُونَ ما لا يَخْلُقُ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْراً وَلا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ» ؟.
فى هذا إنكار على المشركين أن يسوّوا بين الله سبحانه وتعالى وبين هذه المخلوقات، أو المصنوعات، ويتخذونها أربابا لهم.
وكيف تسوغ لهم عقولهم أن يشركوا مع الله مخلوقا يخلق ولا يخلق؟
وكيف يرجون نصرا ممن لا يملك أن يدفع عن نفسه ضرّا، أو يجلب لها خيرا؟
ذلك هو الضلال البعيد! وكيف يتعبدون لمن لا يهتدى بنفسه إلى الهدى، ولا يستمع لداع يدعوه إليه.. وسواء إذا دعى إلى الهدى أم لم يدع، فإنه حجر صلد لا يسمع، ولا يجيب:«وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ» ؟.
وفى قوله تعالى:«وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدى لا يَتَّبِعُوكُمْ» تشنيع على هؤلاء المشركين، وتسفيه لعقولهم، إذ يجعلون ولاءهم لهذه الدّمى، التي إذا دعاها عابدوها إلى الهدى لا تتبعهم.. وهذا يعنى أن تلك الآلهة قائمة على ضلال، وأنها إذا دعيت إلى الهدى لا تستجيب، لأنها لا تستطيع أن تتحول عن وضعها الذي هى فيه، إلا إذا امتدت إليها يدمن يحولها عن مكانها.