للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانظر إلى آلهة ضالة يتعبد لها قوم ضالون، ثم يراد لهؤلاء الضالين أن يكونوا دعاة هدى لآلهتهم التي يعبدون؟.

إنها أوضاع مقلوبة.. يصبح فيها العابدون قادة وهداة للعابدين.. فبئس العابد والمعبود!.

«إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبادٌ أَمْثالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» .

فهؤلاء الذين يعبدهم المشركون من دون الله- جمادا كانوا أم شياطين أم ملائكة- هم خلق مثلهم، مخلوقون لله، لا يملكون لأنفسهم نفعا ولا ضرا فكيف يكون منهم لغيرهم نفع أو ضرّ؟.

وها هو ذا الواقع يكشف عن هذه الحقيقة ويقررها.. فليدع المشركون آلهتهم التي يعبدونها من دون الله، ثم لينظروا ماذا يبلغ هذا الدعاء منهم؟

هل يسمعون؟ وإذا سمعوا.. هل يعقلون؟ وإذا عقلوا.. هل يقدرون على تحقيق المطلوب منهم؟ وكيف وهم لا يستطيعون لأنفسهم جلب خير، أو دفع ضر؟.

وفى قوله تعالى: «فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» هو تسفيه لعقول هؤلاء المشركين، الذين ركبهم الضلال، واستولى عليهم العمى، فاتخذوا هذه الدّمى آلهة لهم من دون الله.. إنهم يفترون الكذب، على أنفسهم، وعلى الله..

فهم المتهمون بهذا الضلال لا آلهتهم التي عبدوها.. ولهذا جاء قوله تعالى:

«إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ» مخاطبا المشركين ولم يجىء مخاطبا آلهتهم التي أشركوا بها.. ولو كان ذلك لجاء النظم القرآنى.. هكذا: «إن كانوا صادقين» .

«أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِها أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِها؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>