ومن عجب أن هذه الآلهة المعبودة من دون الله، أهون الكائنات شأنا، وأقلها غناء، وأضعفها أثرا..
إنها جماد صامت، ليس فيها حياة، ولا تملك فى وجودها جارحة تعمل، كما تعمل جوارح الكائنات الحية.. فليس لهم أيد يدفعون بها الأذى، ولا أرجل ينتقلون بها من حرور إلى ظل، أو من ظل إلى حرور.. وليس لهم أعين يرون بها ما يرى الكائن الحىّ من الوجود الذي يعيش فيه، ولا آذان يسمعون بها من يدعوهم، أو يلقى إليهم ثناء أو سبابا! فكيف يلقى الإنسان بوجوده بين يدى هذه الجمادات؟ وكيف يعطيها ولاءه وطاعته، وخضوعه؟ أليس ذلك غاية ما يمكن من بلادة الطبع، وسخافة العقل وصغار النفس؟
وقد يجد الإنسان فى مجال الوهم والجهل ما يبرر به عبوديته لكائن أقوى منه وأكثر قوة وسلطانا، ولكن عبوديته لجماد صامت، لا يتسع له عذر أبدا، فى أي باب من أبواب الوهم والجهل!.
وقوله تعالى:«قُلِ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلا تُنْظِرُونِ» هو تحد من الرسول صلوات الله وسلامه عليه- لهذه الآلهة، وما يدّعى لها عابدوها من آثار عاملة فى الحياة.. فليدع هؤلاء المشركون آلهتهم تلك، وليوجهوها إلى النبىّ- صلى الله عليه وسلم- لترمى بكل كيدها إليه، ولتدفع بكل ما لديها من ألوان الضرّ نحوه، وذلك فى غير انتظار، أو مهل..
ولسوف تكشف هذه التجربة عما يخزى هؤلاء المشركين ويفضح آلهتهم التي يعبدون.