للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأن أمرها إلى الله، ثم إلى رسول الله يضعها حيث يشاء، ويتصرف فيها كما يرى..

تلك هى كلمة الله، وهذا هو قضاؤه..

«يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ.. قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ» .

وانظر كيف كانت الحكمة فى هذا الحكم، وهذا التدبير الحكيم..

لقد كان ذلك أول الإسلام، ومع أول تجربة يقع للمسلمين فيها خير مادىّ، بعد أن احتملوا ما احتملوا من أذى وضر فى أموالهم وأنفسهم..

ولو كان الذي حدث فى بدر جاريا مع موقع النظر الإنسانى، لكان أول ما يتبادر إلى العقل هو التمكين للمسلمين الذين قاتلوا، أن يحوزوا هذه الغنائم، ليكون منها بعض العزاء لما ذهب منهم، سواء أكانوا مهاجرين أو أنصارا.. حيث هاجر المهاجرون تاركين وراءهم الديار والأموال، وحيث شاطرهم الأنصار ديارهم وأموالهم..!

ولكن تدبير الله يعلو هذا التدبير، وحكمته تقضى بغير ما يقضى به هذا النظر البشرى المحدود..

فلو أن المسلمين شغلوا أنفسهم من أول خطوهم بهذه الغنائم، لكان فى ذلك جور على الدعوة التي دعاهم الله إليها، وندبهم لها، ولكان حسابهم معها قائما على الريح والخسارة فى جانب الدنيا، أكثر منه فى جانب الدين..!

ولهذا، جاء أمر الله قاطعا على المسلمين هذا الطريق، آخذا على أيديهم أن تمتدّ إلى تلك الغنائم، التي جعلها الله سبحانه له، ثم وضعها بين يدى رسوله..

إنهم مجاهدون فى سبيل الله وحسب، باعوا أنفسهم لله، ورصدوها للجهاد فى سبيله..

<<  <  ج: ص:  >  >>