أما الغنائم فأمرها خارج عن هذا العهد الذي عاهدوا الله عليه..
فإذا جاء بعد هذا قضاء من عند الله فى شأن ما يقع للمجاهدين من غنائم.
وإذا جعل الله للمقاتلين نصيبا مفروضا فيها، فذلك فضل من الله، ومنّة منه على عباده، وبهذا يظل المجاهدون على هذا الشعور الأول الذي أقامهم الله عليه، وهو أن تلك الغنائم هى لله ولرسوله، وأن ما فرض لهم بعد ذلك هو استثناء من الحكم الأصلىّ، جاء برّا بهم، ورحمة لهم..
ومن أجل هذا، فإنه بعد أن انتهت معركة بدر، ومغانمها، وعاش المسلمون مع تلك التجربة زمنا كافيا، اطمأنوا فيه إلى ما تقرر من ألّا شىء لهم فيما يغنمون- جاء حكم الله بعد هذا مقررا لهم نصيبا مفروضا فيما يغنمون، وفى هذا يقول الله تعالى فى هذه السورة:«وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» .
فقوله تعالى:«فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» هو تعقيب على هذا الحكم الذي تلقاه المسلمون من الله فى شأن غنائم بدر.. وفى دعوتهم إلى تقوى الله تذكير لهم بالله الذي استجابوا لدينه، ودخلوا فيه، وقاتلوا فى سبيله، فإذا ذكروا هذا، فاءوا إلى السّلامة والعافية، وأقاموا وجوههم على الوجه الذي استقبلوا به الإسلام من أول يوم..
موطنين الأنفس على احتمال الضرّ، والصبر على المكاره، ولم يقع فى نفوسهم