وقوله تعالى:«سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ» إشارة إلى ما وقع فى قلوب المشركين يومئذ من رعب، اضطربت له صفوفهم، وزاغت به أبصارهم.. وبهذا وذاك تمكّن المسلمون من رقابهم، وأوقعوا الهزيمة بهم.
وقوله سبحانه:«فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ» هو دعوة للمسلمين أن يحصدوا هذا الزرع الذي أصبحت قطوفه دانية لأيديهم، وبهذا يضاف هذا المحصول كله لهم، ويحسب من عمل أيديهم.. وهذا فضل من الله عليهم، ورحمة واسعة من رحمته بهم.
ولو شاء الله سبحانه أن يهلك المشركين من غير أن يبتلى بهم المؤمنين لفعل.. ولكن أين بلاء المؤمنين؟ وأين العمل الذي يضاف إليهم، ويؤجرون عليه؟
إنه من تدبير الله تعالى وحكمته، أن يبتلى الناس بعضهم ببعض، وذلك ليظهر فى كلّ إنسان ما عنده من خير أو شر، وبهذا تنكشف للناس وجوههم، وتتحدد مواقفهم.
وفى قوله تعالى:«فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ» إشارة إلى ما ينبغى أن يتجه إليه ضرب المؤمنين فى جبهة المشركين، وهو أن يكون فى المواطن التي تخمد بها أنفاسهم، أو تشل حركاتهم، وذلك بضرب الرءوس التي عشّش فيها الشرك، وأفرخ فيها الضلال، وضرب تلك الأيدى التي كانت تمتد بالأذى إلى المسلمين، وها هى ذى تريد القضاء عليهم.
هو بيان للسبب الذي من أجله أمر الله المسلمين بضرب هؤلاء المشركين هذا الضرب الذي مكنهم الله به من رءوس أعدائهم.. فهم قد شاقّوا الله ورسوله، أي خالفوهما، وعصوا أمرهما.. وليس جزاء من يشاقق