الله ورسوله إلّا أن يلقى جزاءه عند الله، والله شديد العقاب.
قوله تعالى:«ذلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكافِرِينَ عَذابَ النَّارِ» هو خطاب للمشركين، والإشارة هنا إلى هذا العذاب الذي صبّه الله عليهم، وجرّعهم كئوسه على أيدى المؤمنين.. وذلك هو جزاؤهم فى الدنيا.. أما فى الآخرة فلهم أنكى وأمرّ.. إنه عذاب النار.
وقوله سبحانه:«يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبارَ» هو درس للمؤمنين، يتلقونه فى هذا الموقف، الذي شهدوا فيه آيات الله، ورأوا بأعينهم أمداد نصره وتأييده، فليكن ذلك درسّا لهم يتلقون منه العظة والعبرة، وليصحبهم هذا الدرس فى كل موقف بعد هذا، يكون فيه بينهم وبين المشركين والكافرين قتال.. فهو نداء عام للمؤمنين، المجاهدين فى سبيل الله، بأن يثبتوا للعدو، وأن يلقوه لقاء جادّا مصمما على النصر، أو الاستشهاد فى المعركة، دون أن يدخل على أحد منهم شعور بالفرار من وجه العدوّ، أيّا كان الموقف، وأيّا كانت قوة المشركين وشوكتهم..
وقوله تعالى:«وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلى فِئَةٍ فَقَدْ باءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْواهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ» .. هو وعيد شديد لمن يدخل على نفسه من المؤمنين شعور بالهزيمة، فينكص على عقبه، ويعطى العدوّ دبره، فى أي موقف من مواقف القتال بين المؤمنين والمشركين.. وقوله تعالى:«يومئذ» هو أىّ كان، لا يراد به يوم بعينه، كما يذهب إلى ذلك بعض المفسّرين بجعل، هذا اليوم خاصّا بيوم بدر.. وهذا فوق أنه غير متفق مع الدعوة العامة التي حملها القرآن الكريم إلى المؤمنين فى آيات كثيرة بالثبات فى الجهاد- غير متفق كذلك مع ترتيب الأحداث إذ أن سورة الأنفال، نزلت بعد بدر وأحداثها، وذلك باتفاق.