نقول هذا لنتبيّن الفرق بين «الأنفال» و «المغانم» .. إذ كانت «الأنفال» قد وقعت لأيدى المسلمين يوم بدر على غير ما يتوقعون..
أما المغانم التي سيغنمها المسلمون فيما بعد، فهى عن بلاء وعمل ظاهرين منهم، حيث يستقلّ المسلمون بأمرهم- بعد بدر- فى لقاء العدوّ، دون أن يلتفتوا إلى أمداد من الملائكة تقاتل معهم، كما رأوا ذلك فى «بدر» ، وإن كان تأييد الله وعونه لهم غير منقطع عنهم أبدا.. فهذه المغانم التي غنمها المسلمون يوم بدر أقرب إلى الأنفال منها إلى المغانم، ولهذا سمّاها الله سبحانه وتعالى «أنفالا» ليذكر المسلمون بهذه التسمية ما كان لله من فضل عليهم فيها.
وإذن فقوله تعالى:«وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ» .. ليس ناسخا لما جاء فى أول السورة فى قوله تعالى:«يَسْئَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفالِ قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ» .. كما يقول بذلك أكثر المفسّرين.. فهذه الآية تقرر حكما فى شأن الغنائم، أما آية أول الأنفال، فهى خاصة بحكم الأنفال.. وفرق بين الغنائم والأنفال.. وإذن فلا تناسخ بين الآيتين.
والأنفال- كما قلنا- هى التي تقع ليد المسلمين من غير قتال، أو بقتال لم يكونوا فيه إلا مظهرا تختفى وراءه يد الله التي تكتب لهم النصر، وتمنحهم الغلب.
ولهذا، فقد ظلّ حكم الأنفال قائما، إلى جوار الحكم الخاص بالغنائم.. فكان ما يقع للمسلمين من غير بلاء هو «أنفال» يكون أمرها لله ولرسول الله.. وما يقع لهم من غنائم فهو على الحكم الذي بينته الآية الكريمة:«وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ.. الآية» والتي سنعرض لشرحها بعد قليل.
ففى غزوة خيبر سلّم اليهود للنبىّ والمسلمين من غير قتال، وذلك بعد