للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- كانت لا تزال وراء الوادي تحمى ظهر العدوّ، وتشدّ عزمه على الدّفاع عنها، والموت دونها..

هكذا كان الموقف يومئذ: المسلمون وظهرهم إلى المدينة، والمشركون وظهرهم إلى العير التي يقاتلون من أجلها، وإلى مكة التي تنتظرهم عائدين إليها بالعير وبالنصر معا..

قوله تعالى: «وَلَوْ تَواعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعادِ وَلكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا» أي لو كان هذا الموقف عن مواعدة بينكم وبين قريش، لما وقع على تلك الصورة التي جاء عليها كما وقعت، ولما حدثتكم أنفسكم بالخروج للقاء العدوّ وأنتم فى هذا العدد القليل وتلك العدة الهزيلة، ولوقع بينكم الخلاف والتخاذل عن هذا الموقف.. وهكذا دفع الله بكم إلى لقاء العدوّ عن غير اختيار منكم، وذلك «لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولًا» أي لينفذ قضاؤه فيما أراد كما راد، وتقع هذه المعركة، ويمدّكم الله فيها بأمداد النصر، وأنتم أبعد ما تكونون عنه.

قوله تعالى: «لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيى مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ» أي فى الصدام بين الحق والباطل، وبين الإيمان والكفر، تتحدّد مواقف النّاس، وينزل كلّ منزلته التي يستحقها، وهو على بيّنة من أمره، سواء أكان فى موكب الحق، أو فى مربط الباطل والضلال.. «وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ» يسمع ما تتحرك به الألسنة، ويعلم ما تنطوى عليه الصدور.

قوله سبحانه: «إِذْ يُرِيكَهُمُ اللَّهُ فِي مَنامِكَ قَلِيلًا وَلَوْ أَراكَهُمْ كَثِيراً لَفَشِلْتُمْ وَلَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَلكِنَّ اللَّهَ سَلَّمَ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ» .

ومن تدبير الله فى إنجاز هذا اللقاء الذي بينكم وبين المشركين أنه سبحانه أرى النبىّ فى منامه جيش قريش فى أعداد قليلة، وبهذه الرؤيا أخبركم النبىّ،

<<  <  ج: ص:  >  >>