هو الجزاء الذي أمر الله سبحانه وتعالى نبيّه الكريم أن يلقى به هؤلاء الكافرين، الذين لا يؤمنون بالله أبدا، والذين ينقضون عهدهم مع النبىّ، ويلقونه فى الجبهة المحاربة له كلما سنحت الفرصة لهم، سواء أكان ذلك بأشخاصهم، أم بأموالهم وأسلحتهم، يمدّون بها أعداء المسلمين..
فهؤلاء الذين يقفون من النبىّ ودعوته، هذا الموقف اللئيم المخادع، لا عهد لهم، ولا ذمة لهم عند النبىّ والمسلمين، ما داموا قد غدروا ونكثوا.. فليس لهم عند النبىّ والمسلمين إذا ظفروا بهم فى حرب، أو أمكنتهم أيديهم منهم فى أي موقف- ليس لهم إلا الضربة القاصمة القاضية، وإلا البلاء ينصب عليهم انصبابا، ينالهم فى أنفسهم، وأموالهم وأهليهم، وذلك ليكونوا عبرة لغيرهم، ومثلا سائرا فى الناس، لكل من ينقض العهد مع النبىّ والمسلمين.. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى:«فَإِمَّا تَثْقَفَنَّهُمْ فِي الْحَرْبِ فَشَرِّدْ بِهِمْ مَنْ خَلْفَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ» .
والتعبير بالظفر بهم، ووقوعهم ليد النبي بقوله تعالى «تَثْقَفَنَّهُمْ» إشارة إلى أن الحرب ليست كلّها انتقاما، واستئصالا للمغلوب، وإنما هى- فى صميمها- إصلاح له، وحيدة به عن طريق الضلال والغواية الذي يركبه، إلى طريق الحق والهدى، المدعوّ إليه.. إذ كثيرا ما تنتهى الحرب بين المسلمين وأعدائهم، وإذا أعداد وفيرة من هؤلاء الأعداء، قد تحوّلوا إلى أولياء، ودخلوا فى دين الله، وكانوا من عباده المؤمنين.
وهذا هو السرّ فى التعبير بكلمة «تثقفنّهم» بدلا من كلمة تظفر بهم..