نقول: إن تجربة السّلم أو الاستسلام تلك التي دعا إليها المسيح، وعاش فيها قد كشفت عن حقيقة لا شك فيها، وهى أن الحياة ترفض هذه التجربة، ولا تقبلها كمبدأ من المبادئ العاملة فيها..
والمسيح نفسه قد أنهى هذه التجربة فى الأيام الأخيرة من حياته، وردّ إلى أتباعه وحواريّيه حقهم فى الحياة فى الدفاع عن أنفسهم..
يقول المسيح فى آخر موقف له مع تلاميذه:«حين أرسلتكم بلا كيس ولا مزود ولا أحذية.. هل أعوزكم شىء؟ فقالوا: لا، فقال لهم: «ممكن الآن من له كيس فليأخذه. ومزود كذلك، ومن ليس له فليبع ثوبه ويشتر سيفا.»(٢٢: لوقا) !! إن السيف أمر لا بد منه لدفع العدوان، ولردع المعتدين.. والله سبحانه وتعالى يقول:«وَلَوْلا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ» ..
تلك هى سنّة الله فى خلقه، وذلك هو واقع الناس فيما أخذهم الله به من سنن.
فالقول بأن الإسلام دين قام على السيف، دعوى كاذبة مضلّة، يراد بها النيل من المسلمين ودولتهم، كما يراد بها النيل من الإسلام وشريعته.. إنها دعوة خبيثة مسمومة، يراد بها أن تنهزم فى نفس المسلم معانى العزة والقوة، لأنه إن أراد أن يسقط تلك الدعوى الباطلة، ويدفع هذه التهمة الظالمة، كان أقرب سبيل إليه هو أن يتجرد من كل سلاح، وأن يتعرّى من كل قوة.. وما حاجته إلى السلاح إن كان السّلاح سبّة تدين دينه، وتريه منه أنه دين بداوة وهمجية، وشريعة غاب، يحكم مجتمعها التناطح بالقرون، والتقاتل بالمخالب والأنياب؟
هذه هى الحركة النفسية التي تحدثها تلك الدعوى الماكرة فى نفوس المسلمين، حين يلقون آذانهم إلى هذه التخرصات الفاسدة، التي تجعل القوة التي يبعثها الإسلام فى مجتمعه، شارة دالّة على بدائية هذا الدين وتخلّفه..