للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرّميات العمياء التي يرمى بها الإسلام لن تنال منه، ولن تقف فى طريق أنواره أن تملأ الآفاق، وأن تبسط على الأرض سلطانها، لأنها نور من نور الله: «يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِؤُا نُورَ اللَّهِ بِأَفْواهِهِمْ وَيَأْبَى اللَّهُ إِلَّا أَنْ يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ» .

ونعود إلى قضية السيف التي يدّعيها المدّعون على الإسلام، وأنه قام عليه، وفتح طريقه إلى القلوب به- فنقول:

إنه لو كان أمر الإسلام أمر قوة، لما كان فى الحياة اليوم إنسان يدين بالإسلام، ولما كانت دعوة الإسلام أكثر من حدث من أحداث التاريخ، عاش فى الحياة زمنا، ثم طواه الزمن فيما طوى من وقائع وأحداث.

فهل هذا هو واقع الإسلام؟ وهل هذا هو شأنه فى وقائع الحياة وأحداثها؟

إن الأمر لعلى عكس هذا تماما..

وإن شهادة الواقع لا تحتاج إلى بيان.. فهى ناطقة بأفصح لسان، بأن دولة الإسلام تزداد على الأيام امتدادا واتساعا، وأن زحفه السلمىّ المكتسح لم يتوقف لحظة واحدة، حتى فى أقسى الظروف وأحلكها، التي مرّت بالإسلام وألقت بكل ثقلها عليه..

لقد قطع الإسلام من حياته المباركة أربعة عشر قرنا.. وأنه إذا سلّمنا بالقول بأن الإسلام قام على السيف والقوة، فى أول حياته، فإنه محال أن يسلّم بالقول بأن ذلك السيف وتلك القوة قد صحبا الإسلام، وكانا مستندا له على امتداد هذا الزمن كلّه..

فما عرف الناس فى الحياة قوة تظل حارسة ساهرة لمبدأ من المبادئ أو نزعة من النزعات، أكثر من سنوات معدودات.. لجيل أو جيلين.. أما أن تظل هذه القوّة قرونا متطاولة من الزمن، قائمة على حراسة مذهب من المذاهب، أو نزعة

<<  <  ج: ص:  >  >>